الأزمة الحالية “مختلفة” لأنها تجمع بين عدة عوامل متداخلة وتحديات محلية وعالمية في وقت كان القطاع يشهد فيه تعافيًا كبيرًا وعودة تدريجية بعد جائحة كورونا وبعد تطبيقات الإصلاح الاقتصادي في مصر.
آليات التعامل مع التحدي الحالي يجب أن تختلف كليًّا عن الآليات التي تم اتباعها للتعامل مع التحديات الماضية، وذلك للحفاظ على القطاع العقاري والشركات العاملة به التي تواجه تحديات صعبة تتمثل في نقص السيولة النقدية وارتفاع التكاليف بصورة تهدد إمكانية استكمال المشروعات التي تم بيع وحداتها للعملاء، بجانب انخفاض القوى الشرائية للعملاء في مقابل ارتفاع أسعار الوحدات، بما يُصعِّب مهمة تلبية احتياجات العملاء المستقبلية إلى الوحدات السكنية.
* هناك احتمال بأن تقع الشركات مجددًا في فخ رفع آجال السداد للمشروعات إلى 10 و 15 عامًا مثلما حدث في تعويم 2016 وأرى أنه إذا لجأت الشركات إلى ذلك الحل لدفع عملية البيع فستقع مشکلات مستقبلية كبرى في إطار تغيرات التكاليف المستمرة وأزمات نقص السيولة التي تعانيها الشركات، كما أن التمويل العقاري لم يَعُد المفتاح السحري لحل الأزمة في ظل تشعُّب المشكلات التي تواجه القطاع.
* يجب إعادة النظر في أسعار الأراضي؛ فالوزن النسبي لسعر الأرض إلى التكلفة الإجمالية للمشروع يعادل حاليًّا 40% وأكثر، وهي نسبة مبالغ فيها للغاية، فيجب ألا تتخطى النسبة العادلة والمنطقية 20% من التكلفة الكلية، كما أن نموذج السداد والتنفيذ على 4 أو 5 سنوات يضع الشركات تحت ضغط مالي كبير، وبالتالي لا بد من إعادة النظر في سنوات التنفيذ لیتم مدُّها إلى 6 أو 8 سنوات حسب مساحة المشروع.
في تلك الحالة يتمكن المطور من مدِّ أجل التسليم للعميل بصورة تتيح له ضمان سيولة نقدية مناسبة لإنجاز المشروع والحفاظ على التدفقات المالية، ففي الوضع الحالي نجد الشركات تقوم بالتقسيط على 8 أو 10 أو 15عامًا، وبعد 4 سنوات -وهو موعد تسليم الوحدة- يكون المبلغ المُحصَّل من إجمالي ثمن الوحدة قليل للغاية ولا يتناسب مع تكاليف التنفيذ ولا يسمح بالتوسع المستقبلي للشركات.
* لا بد من تقليل الأعباء الضريبية على الشركات، وهي الأعباء التي تصل مجتمعة في صور مختلفة إلى 50%أو 60% من الأرباح، بما يزيد من الضغوط المالية على الشركات، وهي مشكلة يعانيها القطاع الخاص ككل.
* بالنسبة للتمويل العقاري، فمشكلته هي طول الإجراءات وصعوبتها، وليست الفائدة فقط، كما أن الوقت الحالي هو الأنسب لأن يكون للقطاع الخاص نصيب أكبر في إنتاج وحدات الإسكان المتوسط وفوق المتوسط والفاخر، فالدولة تُقدِّم وحدات جاهزة كاملة التشطيب بتقسيط على 20 و 30 عامًا، وهو أمر يصعب على القطاع الخاص القيام به في ضوء التحديات وأسعار الأراضي الحالية، وبالتالي تكون المنافسة بين القطاع الخاص والدولة غير عادلة.